بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 28 يناير 2020

قراءة في المشهد الروائي بالمغرب العربي


قراءة في المشهد الروائي بالمغرب العربي

حميد الجراري

الدار البيضاء

المملكة المغربية                                                                                                                           





ارتهنت الرواية العربية في المشرق خلال مراحل تبلورها بالموروث السردي العربي القديم. فمنه انطلقت، وبفضل أساليبه وطرائق سرده تطورت ونضجت. ولم تشذ الرواية العربية بالمغرب العربي عن هذه القاعدة، ذلك أنها ارتبطت، هي الأخرى، بموروثها الحكائي الذي شكل بالنسبة للروائي خلفية فنية يفزع إليها كلما جد جديد، أو طرأ خطب ما استهدف عقيدته، أو هويته، أو حريته.
انطلاقا من هذا الطرح، يمكننا التأكيد على مدى الارتباط الوثيق بين نشأة الرواية المغاربية والتراث السردي، ارتباط  سيزداد وضوحا خاصة عند توقفنا عند الوضع الروائي ببلدان المغرب العربي، وتحقيقا لهذا المسعى، ارتأينا أن نتحدث عن هذا الوضع في كل بلد على حدة، وهو خيار منهجي وإجرائي يجد تبريره في تباين مكانة الجنس الروائي في السياق الثقافي لهذا البلد أو ذاك. 
 1-الرواية المغربية:
قبل الحفر في تاريخ الرواية بالمغرب، يقتضي منا المقام الحديث أولا عن ظروف إنتاج و تلقي هذا الجنس السردي حديث النشأة في ثقافة احتفلت، ولمدة غير يسيرة، بفن الشعر. إن الحاجة إلى جنس أدبي كالرواية، كتابة، وتلقيا، ونشرا، ودراسة، وتوثيقا، لا يمكن فهمها من دون الاستناد إلى بعض الموجهات السياسية والتاريخية والسوسيو- ثقافية التي صدرت عنها. فقد  تعرض المغرب، شأنه شأن باقي الأقطار المغاربية، لحماية سرعان ما استحالت إلى استعمار نهب باسم اتفاقيات اقتصادية مفروضة وجائرة ثروات البلاد والعباد. وأمام تأزم الوضع، تبلورت حركات وطنية نادت في البداية بإصلاح وتقويم ما راكمته قرون الظلام من تخلف على جميع المستويات، وما لبثت هذه الحركة أن تحولت من مجرد صدى لسلفية جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا، إلى حركة وطنية حقيقية حملت على عاتقها مشروعا وطنيا عمل، بشكل مباشرأوغيرمباشر، على تهييء المناخ الملائم، نفسيا وفكريا، لبروز تيار المقاومة، تيار لم يقتصر على المقاومة المسلحة والسياسية والاقتصادية فحسب، وإنما تعدى ذلك إلى المقاومة الثقافية والفكرية أيضا. وفي هذا الصدد  ظهرت محاولات روائية جنينية أخذت على عاتقها نقد بعض العادات السلبية المنتشرة في المجتمع المغربي، نقد لم يخل من روح التسلية التي ميزت القصة والرواية إبان المرحلة الكولونيالية...

الثلاثاء، 7 يناير 2020

نحن والبيئة


نحن والبيئة
يتزايد، في الوقت الحاضر ،اهتمام العالم بالدور الذي تمثله البيئة في حياة الأمم والشعوب ،بعد أن شعر العالم- وما زال- بمخاطر البيئة ، وبتدخلات الإنسان الضارة في كل جوانب هذه البيئة ،خاصة استغلاله المفرط والعشوائي لموارد الأرض ،لدوافع تجارية واقتصادية ، وتصاعد حدة النزاعات واحتمالات نشوب الحروب باستخدام الأسلحة الفتاكة.وقد كان الإيكولوجيون أول من دق جرس الإنذار نتيجة التعامل السلبي مع البيئة.
وهكذا ظهرت الحاجة إلى التربية البيئية بعد مؤتمرات الأمم المتحدة في السبعينيات من القرن العشرين ،فمن مؤتمر البيئة البشرية في استوكهولم بالسويد عام 1972 ،انبثق تأسيس وكالة متخصصة لشؤون البيئة سميت((برنامج الأمم المتحدة للبيئة)) ،التي أصبح لها فروع مختلفة في العالم ،جعلت التربية البيئية محور عنايتها ومركز نشاطاتها تلبية للمطالب الدولية الداعية لتكثيف الجهود محليا وإقليميا ودوليا من أجل المحافظة على البيئة وتنميتها ،ومكافحة كل أشكال الاستغلال البشع ،وغير الرشيد لموارد الأرض الطبيعة ،ووقف إساءة الإنسان لتوازن البيئة الطبيعية ،ومن أجل بناء السلوك الإيجابي لتعامل الأفراد والمؤسسات والحكومات مع مكونات البيئة الحية وغير الحية ،وفهم التأثيرات المتبادلة بين هذه المكونات ،وانعكاساتها على حياة الناس.
وأكدت الأمم المتحدة أيضا على أهمية التعاون الدولي لمعالجة المشكلات البيئية كالتزايد السكاني ،وأزمة الغداء ومشاكل التلوث والتصحر وغيرها.
وعلى الرغم من أن التربية البيئية تؤكد على أهمية ترسيخ القيم والأخلاقيات البيئية ،إلا أن واقع حال العالم يجسد سوء علاقة الإنسان ببيئته ،خاصة معاناة البشر من استنزاف موارد الأرض ،واختلال اتزان البيئة ،وانتشار الحروب ،وقتل الغابات ،والتسمم بالأمطار الحمضية ودخان العوادم والمواد المشعة ، والتهديد باستخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والذرية ،وتأثير ظاهرة الاحتباس الحراري ،وانتشار الأوبئة والأمراض ،وإلقاء النفايات الخطيرة في البحار.هذه الظواهر وغيرها تعكس سوء سلوك الإنسان تجاه التعامل مع البيئة ،ومن ثم تشكل مأزقا حادا للجنس البشري.وفي محاولة التخلص من هذا المأزق الحرج باعتبار أن الإنسان صنيع بيئته وصانعها في ان واحد ،فإن دوره في المحافظة على البيئة لا يكتمل أو يتحقق على النحو الأمثل ،إلا بتنمية إدراكه ،وتوجيه سلوكه وإكسابه المفاهيم البيئية التي تعينه في النهاية على صون البيئة ،وتقدير معطياتها ،والعمل الدائم على حمايتها من كل ما يحدق بها من مخاطر.
إن الأزمة الحالية تتركز في الاستغلال المفرط وغير العادل للمواد الخام في غالبية الدول الصناعية ،حيث العقلية الصناعية التي أصبحت تتحدى نفسها في كيفية زيادة حجم الإنتاج ،وتحقيق أكبر عائد اقتصادي ، دون الأخذ بالاعتبارات البيئية وبالتوازن الطبيعي للبيئة ،مما يجعل معدلات تدهور الحياة مع الزمن تصل إلى درجات تفوق قدرة البيئة الطبيعية على إعالة الحياة أو إعادة توازنها ،ويشكل مخاطر كبيرة على حياة الإنسان وحضارته.
ومع بداية الثورة الصناعية بدأت تحدث تغيرات كبيرة في الغلاف الجوي للأرض ،فقد أنتجت الصناعات زيادة مهولة في مستويات غاز ثنائي أكسيد الكربون ،الشيء الذي يزيد من سخونة الأرض ،فيرتفع مستوى سطح البحر ،ويتقلب المناخ ،وتضطرب الرياح ،ويختل توزيع سقوط الأمطار ،وتفسد التربة ،وتقل إنتاجية الأرض.ويؤدي ذلك أيضا إلى تدمير الغابات ،و انقراض بعض الكائنات الحية النباتية والحيوانية ،كما أن تداعيات الانفجار السكاني ،ومشكلات انبعاث السموم ،والتلوث الكيميائي والزراعي ،ونقص المياه العذبة ،ومشكلات النفايات ،والقضاء على الشعب المرجانية ،ومشكلة النفايات النووية ،والحروب ،وتخريب طبقة الأوزون،واستخدام المبيدات ،وكذا الاستيطان والتوسعات في المدن ،والضغط على استغلال الموارد ،كل ذلك يؤدي إلى التأثير في التنوع البيولوجي ،وتوزيع الحياة النباتية والحيوانية في البر والبحر،ويشكل أخطارا جسيمة على جودة الحياة ،فهل من منقذ؟
  مرشدي في اللغة العربية....
،