وهكذا ظهرت الحاجة إلى التربية البيئية بعد
مؤتمرات الأمم المتحدة في السبعينيات من القرن العشرين ،فمن مؤتمر البيئة البشرية
في استوكهولم بالسويد عام 1972 ،انبثق تأسيس وكالة متخصصة لشؤون البيئة
سميت((برنامج الأمم المتحدة للبيئة)) ،التي أصبح لها فروع مختلفة في العالم ،جعلت
التربية البيئية محور عنايتها ومركز نشاطاتها تلبية للمطالب الدولية الداعية
لتكثيف الجهود محليا وإقليميا ودوليا من أجل المحافظة على البيئة وتنميتها
،ومكافحة كل أشكال الاستغلال البشع ،وغير الرشيد لموارد الأرض الطبيعة ،ووقف إساءة
الإنسان لتوازن البيئة الطبيعية ،ومن أجل بناء السلوك الإيجابي لتعامل الأفراد
والمؤسسات والحكومات مع مكونات البيئة الحية وغير الحية ،وفهم التأثيرات المتبادلة
بين هذه المكونات ،وانعكاساتها على حياة الناس.
وأكدت الأمم المتحدة أيضا على أهمية التعاون
الدولي لمعالجة المشكلات البيئية كالتزايد السكاني ،وأزمة الغداء ومشاكل التلوث
والتصحر وغيرها.
وعلى الرغم من أن التربية البيئية تؤكد على
أهمية ترسيخ القيم والأخلاقيات البيئية ،إلا أن واقع حال العالم يجسد سوء علاقة
الإنسان ببيئته ،خاصة معاناة البشر من استنزاف موارد الأرض ،واختلال اتزان البيئة
،وانتشار الحروب ،وقتل الغابات ،والتسمم بالأمطار الحمضية ودخان العوادم والمواد
المشعة ، والتهديد باستخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والذرية ،وتأثير ظاهرة
الاحتباس الحراري ،وانتشار الأوبئة والأمراض ،وإلقاء النفايات الخطيرة في
البحار.هذه الظواهر وغيرها تعكس سوء سلوك الإنسان تجاه التعامل مع البيئة ،ومن ثم
تشكل مأزقا حادا للجنس البشري.وفي محاولة التخلص من هذا المأزق الحرج باعتبار أن
الإنسان صنيع بيئته وصانعها في ان واحد ،فإن دوره في المحافظة على البيئة لا يكتمل
أو يتحقق على النحو الأمثل ،إلا بتنمية إدراكه ،وتوجيه سلوكه وإكسابه المفاهيم
البيئية التي تعينه في النهاية على صون البيئة ،وتقدير معطياتها ،والعمل الدائم
على حمايتها من كل ما يحدق بها من مخاطر.
إن الأزمة الحالية تتركز في الاستغلال المفرط
وغير العادل للمواد الخام في غالبية الدول الصناعية ،حيث العقلية الصناعية التي
أصبحت تتحدى نفسها في كيفية زيادة حجم الإنتاج ،وتحقيق أكبر عائد اقتصادي ، دون الأخذ
بالاعتبارات البيئية وبالتوازن الطبيعي للبيئة ،مما يجعل معدلات تدهور الحياة مع
الزمن تصل إلى درجات تفوق قدرة البيئة الطبيعية على إعالة الحياة أو إعادة توازنها
،ويشكل مخاطر كبيرة على حياة الإنسان وحضارته.
ومع بداية الثورة الصناعية بدأت تحدث تغيرات
كبيرة في الغلاف الجوي للأرض ،فقد أنتجت الصناعات زيادة مهولة في مستويات غاز
ثنائي أكسيد الكربون ،الشيء الذي يزيد من سخونة الأرض ،فيرتفع مستوى سطح البحر
،ويتقلب المناخ ،وتضطرب الرياح ،ويختل توزيع سقوط الأمطار ،وتفسد التربة ،وتقل
إنتاجية الأرض.ويؤدي ذلك أيضا إلى تدمير الغابات ،و انقراض بعض الكائنات الحية
النباتية والحيوانية ،كما أن تداعيات الانفجار السكاني ،ومشكلات انبعاث السموم
،والتلوث الكيميائي والزراعي ،ونقص المياه العذبة ،ومشكلات النفايات ،والقضاء على
الشعب المرجانية ،ومشكلة النفايات النووية ،والحروب ،وتخريب طبقة الأوزون،واستخدام
المبيدات ،وكذا الاستيطان والتوسعات في المدن ،والضغط على استغلال الموارد ،كل ذلك
يؤدي إلى التأثير في التنوع البيولوجي ،وتوزيع الحياة النباتية والحيوانية في البر
والبحر،ويشكل أخطارا جسيمة على جودة الحياة ،فهل من منقذ؟
مرشدي في اللغة العربية....
،

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق